تنتشر وبشكل مهول أشجار شائكة غريبة عن البيئة في السعودية أو الخليج عموماً، ولكن انتشارها كان سريعاً وخصوصاً في السنوات العشر الأخيرة، حيث بات تزايدها في تهامة الساحل الرابط بين شمال وجنوب السعودية أمراً ملحوظاً جداً، سواء في الأودية أو الأراضي المتصحرة التي غالباً لا يصلها إلا ماء المطر، وهو الأمر الذي يكشف عن مدى قدرة هذه الشجرة على العيش في البيئة الجافة والصعبة، كما أن الشجرة كثيفة الأشواك مخضرة طوال العام، ويقود هذا إلى البحث عن موطن الشجرة وكيفية مجيئها إلى الشرق الأوسط أو السعودية تحديداً، وماهية الأضرار التي تتسبب بها.
تهدد النباتات
ويُنظر لهذه الشجرة الشائكة بوصفها آفة تهدد النباتات من قبل المتخصصين أو خبيثة من قبل المزارعين؛ لأسباب عديدة يذكرونها في حديثهم عنها لـ”سبق” حيث يقول الدكتور يحيى بن سليمان مسرحي الأكاديمي المتخصص في البيئة النباتية: هذه الشجيرات تسمى “بروسوبس” أو “مسكيت”، والاسم العلمي Prosopis juliflora من الفصيلة البقولية (ذات فصيلة السلم والسّمر) وموطنها الأساسي أمريكا الجنوبية وخصوصاً المكسيك.
وأضاف: ومن هناك جُلبت لبعض دول إفريقيا والشرق الأوسط خلال السبعينيات وبداية الثمانينيات الميلادية، وكان الغرض من جلبها استخدام خشبها أو زراعتها كسياج للمزارع، إلا أن هذه الشجيرات كانت ذات تكيّف عالٍ مع الظروف الجافة، وجذورها تنمو بمعدل كبير ومتعمق للوصول للماء في أعماق التربة (خصوصاً إن كان منسوب الماء الجوفي قريباً)، وبسبب هذا التكيف العالي مع ظروف الجفاف فقد انتشرت بكثرة.
وتابع: ومع الإنتاج العالي للبذور أصبحت تنبت في كل مكان من تهامة تقريباً، وهكذا أضحت آفة تهدد النباتات البرية المحلية؛ لأنها تنافسها على مصادر التربة (وأهمها الماء).. إضافة إلى أنها ذات أشواك ونموها الكثيف في مكان ما يزعج ويقلل من جهود نزعها.. كما أن بذورها سامة عند تناولها بكثرة من قبل المواشي.
عامل للملاريا
وتابع: إضافة إلى ذلك، وبسبب إزهارها طوال العام تقريباً، فإنها تُعتبر من العوامل المساعدة في انتشار الملاريا؛ وذلك لأن البعوض في فترات الجفاف (في الأحوال الطبيعية) لا يجد مصدر غذاء دائم (السكر بشكل أساسي)، فمع أن الإناث تمتص الدماء من الثدييات إلا أن ذلك لحاجة هذه الدماء لإنتاج البيض، أما السكر (من المصادر النباتية) فتقبل عليه الإناث والذكور لتوفير الطاقة للبعوض لبقية الأنشطة الحيوية.
وأردف: وفي فترات الجفاف تموت أعداد كبيرة من البعوض بسبب نقص مصادر السكر، لكن في البيئات التي ينتشر فيها “البروسوبس” فالبعوض يجد مصدراً دائماً للسكر من رحيق أزهار هذا النبات، وبالتالي تسهم هذه الشجيرات في أمد بقاء البعوض في فترات الجفاف، وهكذا تدعم شجيرات “البروسوبس” انتشار وتكاثر البعوض وما ينقله من أمراض.
شجرة الشيطان
وقال: في بعض مناطق إفريقيا سُمي هذا النبات “شجرة الشيطان”؛ لما يسببه من أضرار في بيئات وجوده، وعلى هذا فيجب القضاء على انتشار وتوسع هذه الشجيرات ببرامج موجهة من وزارة الزراعة للنزع الميكانيكي أو أي طريقة أخرى للحدّ من انتشارها، إضافة إلى توعية المواطنين بأضرارها لنزعها من الأراضي والحيازات الخاصة.
حجب الشمس
ومن جهته، يقول المزارع يحيى ماضي صاحب المشاتل الشهيرة: الشوك الأمريكي أو المسكيت بكثافة أوراقه وسرعة نموه يسهم في موت النباتات الصغيرة التي تزرع حوله؛ نتيجة ما تتسبب به هذه الأشجار من حجب ضوء الشمس عنها، موضحاً أن هذه الأشجار تنتشر في إفريقيا أيضاً، وقد شكّلت غابات في إثيوبيا تحديداً، منبهاً إلى أن بقاءها يهدد النباتات.
مجاري السيول
في مجاري السيول توجد هذه الشجرة بشكل كبير، وعند جريان المياه طبيعةً تجرف معها الأشجار الميتة الكبيرة والصغيرة وكذلك النفايات وغيرها، وهو الأمر الذي يجعلها تصطدم بأشجار الشوك الأمريكي أو “المسكيت” أو “البروسبوس” كما يطلق عليها، ولكثافة أغصانها وقوتها ومرونتها يتشكل عائقاً دون مرور المياه بشكل طبيعي في مجراه، وينتج عن ذلك انحراف للمياه أو تجمعه بشكل بسيط أحياناً أو تتشكل الحفر نتيجة قوة التيار المائي، ويعد هذا أحد الأضرار التي تنتج عن هذه الأشجار،
انتشار بذورها
ووفقاً لمزارعين فإن انتشار هذه الشجرة يكون سريعاً؛ لكون بذورها تتنقل مع الهواء بعد سقوطها من الشجرة الأم التي تنتج البذور بشكل كبير وتنمو بسهولة.
“احد المصادر” وبدورها استعرضت موضوع الشجرة وخطورتها مع مسؤولي وزارة البيئة والمياه والزراعة؛ بغية الوصول لنتائج جهود الوزارة ومرئياتها حول هذه الشجرة، إلا أنه ومنذ أربعة أيام لم تصل منهم أي نتيجة.