عرضت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً مصوراً عن حالة وصفتها بالشاذة في عالم الفن والنحت في الجزيرة العربية، هي قصة ضابط في الجيش السعودي برتبة مقدم يعد من أشهر فناني الرسم والنحت في الوطن العربي، ووصفته بالفنان الأعلى أجراً في العالم العربي.
وقالت “نيويورك تايمز” بتعجب: إنه فنان كبير، كيف استطاع النجاح في بيئة لا تعطي الفن أي اهتمام؟! وكيف لرجل عسكري قد تطغى عليه القسوة أن يكون فناناً من هذا الطراز؟!
وروت الصحيفة أن المقدم السعودي “عبدالناصر غارم”، وهو من قرية صغيرة في جنوب المملكة، باع لوحة في مزاد في دبي عام 2011 تجاوزت قيمتها 842 ألف دولار (أي ما يوازي أكثر من ثلاثة ملايين ريال سعودي).
وتحدثت الصحيفة بأنه جذب أنظار الحاضرين في معرض عالمي للفن في “البندقية” عام 2008، وأجرى “ستيفن هيمان” حواراً هاتفياً لصالح الصحيفة مع المقدم “غارم” الذي قال إنه لم يتمكن من حضور معرض دبي الذي بيعت فيه إحدى لوحاته بأكثر من ثلاثة ملايين ريال سعودي نظراً لارتباطه والتزامه بمهامه العسكرية، لكنه توقع أن تباع لوحته بـ50 ألف دولار على أعلى تقدير، وقال: “انتهى بي المطاف إلى التبرع بالمبلغ لعمل برامج تعليمية للشباب السعودي في فنون الرسم”.
وسألته الصحيفة كيف لم يعقه عمله في الجيش ضابطاً عن الرسم، فقال إنه كان يبحث عن عمل لكي يتمكن من العيش، وحدث ذلك عام 1990، وأضاف أن الفرصة واتته والتحق بالجيش، فهو ذو مرتب عالٍ وسأستطيع تطوير مهارتي من مرتب الجيش، وكان ذلك اختياراً صائباً في الأخير.
وتحدث عن أنه بعد 23 عاماً حصل على موافقة الحكومة على العمل رساماً، ولفت إلى أنه تعرض لكثير من الضغوط العائلية من والده وزوجته، حيث إنهما لم يعتادا على عمل مثل الرسم.
وكشف أنه سيقيم قريباً معرضاً في لندن، وسيعرض قطعة منحوتة عبارة عن ختم كبير يحاكي فيه واقع المجتمع، وكيف أن العالم تطور بينما مازال الكثير يستخدم الأختام في جميع أعماله.
وسألته الصحيفة كيف أصبح فناناً؟ فأجاب: “أنا من قرية صغيرة في جنوب السعودية، ووالدي مزارع بسيط، لكن ما غير حياتي هو الإنترنت حين دخل السعودية في التسعينيات من القرن العشرين، حيث كنت أجلس أمام شاشة الإنترنت أكثر من تسع ساعات متواصلة”.
وأضاف: “كنت فناناً كلاسيكياً أقوم بعمل اللوحات المائية، وكنت أبحث عن كل ما يتعلق بالرسم، وعن المتاحف، وعن تاريخ الفنانين في نيويورك والصين وغيرهما”.
واختتم حواره بالحديث عن قصة بحثه عن مكان يعرض فيه أعماله، وقرر أن يعرضها في الشارع الرئيسي في القرية، وظنه الجميع مجنوناً، حيث كان ينوي عرض عمل يتحدث فيه عن تدمير الأشجار والآثار السلبية على البيئة جراء قطع الأشجار، وقال: “صنعت شجرة من البلاستيك وقمت باستنشاق الأكسجين منها أمام الناس وكان الناس يتحدثون عن هذا التصرف، كانت البداية بالنسبة لي، وكانت محفزة لي”.