شن الأمير تركي الفيصل هجوماً غير مسبوق على أداء الإدارة الأمريكية حيال ملفات المنطقة، قائلاً إن الرئيس باراك أوباما يتصرف حيال سوريا بطريقة “تبعث على الأسى”، واعتبر أن اتفاق نزع السلاح الكيماوي شكل مخرجاً له من تعهدات تنفيذ ضربة عسكرية، كما انتقد “فتح الذراعين” لإيران، واعتبر أن من يعتقد أن الرياض ستقبل استيلاءها على البحرين “واهم”.
وقال “الفيصل” الذي تولى رئاسة المخابرات السعودية وتولى منصب سفير الرياض في واشنطن، خلال محاضرة ألقاها بمؤتمر عربي- أمريكي أمس الثلاثاء: إن القضية الأولى التي تعني السعودية حيال إيران هي ضرورة عدم حصولها على سلاح نووي.
وتابع الفيصل، في محاضرته المطولة بالقول: “القيادة الإيرانية تتخذ منذ وصولها إلى السلطة موقفاً صدامياً مع المجتمع الدولي، وفي الوقت الذي تقوم فيه السعودية برعاية الحرمين الشريفين ما يجعلها بموقع قيادة العالم الإسلامي تقدم إيران نفسها على أنها ليست القائدة للأقلية الشيعية في العالم الإسلامي فحسب، وإنما لكل الثوريين الإسلاميين المهتمين بمواجهة الغرب”.
وقال: “السعودية معنية بأمرين على صلة بإيران، الأول ألا تحصل طهران على سلاح نووي، ولذلك فهي تدعو إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي، ما يعني ضرورة تخلي إيران وإسرائيل عن ذلك”، وأكد ضرورة “وجود مظلة دعم اقتصادي وسياسي للدول التي تقرر المشاركة في هذا المشروع، بالتوازي مع فرض عقوبات عسكرية على الدول التي تسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل”.
وحذر الفيصل -طبقاً لـ(CNN) : من أن العقوبات وحدها “لن تردع القيادة الإيرانية عن محاولة امتلاك أسلحة نووية” وقال: إنه يدرك العواقب الكارثية لضربة عسكرية ضد طهران، ولكن لسوء الحظ فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي “يراقب الأداء الباعث على الأسى للرئيس أوباما في سوريا قد ينفذ الضربة بمفرده، وقد ترحب القيادة الإيرانية بضربة مماثلة بل قد تدفع نحوها”، مضيفاً: “بعد الكلام المعسول لروحاني وفتح أوباما ذراعيه له فسيقف الشعب الإيراني بالتأكيد خلف قيادته”.
وأردف قائلاً: “أما الأمر الثاني الذي يعني السعودية، فهو جهود طهران من أجل التدخل في الدول ذات الغالبية الشيعية، مثل البحرين والعراق، وكذلك في الدول التي فيها أقليات شيعية، مثل الكويت ولبنان واليمن، مضيفاً أن بلاده ستقف بحزم ضد أي تدخل إيراني في الشؤون الداخلية لتلك الدول”.
واعتبر الفيصل أن أي خطوة تساعد على “تحرير إيران من براثن المتشددين في الدائرة المحيطة بالمرشد علي خامنئي والحرس الثوري، ستجلب الاستقرار إلى المنطقة،” ولكنه حذر في الوقت نفسه من أن “قوى الظلام في قم وطهران متجذرة بقوة”، مبدياً قلقه من أن “تتحطم الكلمات المنمقة لروحاني على صخرة تصلب خامنئي، كما حصل مع الرئيسين السابقين، محمد خاتمي وعلي أكبر هاشمي رفسنجاني”.
وحذر الفيصل من أن “لبنان بات على حافة حرب أهلية مع مواصلة حزب الله تطبيق أجندته الخاصة، دون أي اعتبار للقانون والنظام، وهو مستعد للمجازفة بالأسس التي بني عليها النظام اللبناني برمته من أجل منع انهيار نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا ووقف مسار عمل المحكمة الدولية الخاصة بالنظر في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري”.
وأكد الفيصل أن السعودية “تؤمن بوجوب فرض القانون في لبنان ودعم كافة الجهود الرامية لوقف تدخل حزب الله في سوريا وجلب قادته المشتبه بتورطهم في اغتيال الحريري إلى المحكمة”.
وحول سوريا قال الفيصل: “يجب انتزاع السلطة من يد نظام الأسد وآلته القمعية، إلا إذا كان المجتمع الدولي يرغب في استمرار المجازر. إن الطريقة المعيبة التي يوافق عبرها العالم على منح الحصانة للجزار هي وصمة عار على جبينه. إن عار مساعدة الأسد سيلاحق روسيا والصين، أما القيادة الإيرانية فيحب أن تقدم للمحاكمة في محكمة الجنايات الدولية بسبب الفظائع في سوريا”.
وأضاف الفيصل: “مسرحية وضع ترسانة السلاح الكيماوي السوري تحت الإشراف الدولي كانت ستعتبر مضحكة للغاية إن لم تكن مثيرة للسخرية بشكل واضح ومصنوعة بطريقة لا تمنح السيد أوباما فرص التراجع (عن العمل العسكري) فحسب بل تساعد الأسد على ذبح شعبه، إذا ظننتم أن كلمات (وزير الخارجية) جون كيري، التي سمحت لروسيا بالتحرك كانت زلة لسان، فأنتم لا تعرفون شيئاً”.
ورأى الفيصل أن “منع الأسد من استخدام آلة القتل بما في ذلك ضرب سلاحه الجوي ومراكز السيطرة العسكرية، هي الطريقة الوحيدة التي تسمح بالتوصل إلى اتفاق سلمي عبر التفاوض”. وتوجه إلى القيادة الأمريكية بالقول: “لماذا تراجعتم عن وعد دعم المعارضة السورية بالسلاح بعد الوعود التي قطعها علناً كيري وأوباما؟ لماذا تدلون بهذه التصريحات التي تجلب السرور للمجرمين؟”.
وأكد الفيصل أن السعودية لن تقبل على الإطلاق إمساك إيران بالسلطة في البحرين، قائلاً إن من يعتقد في الغرب أن هذا الأمر قد يحصل في نهاية المطاف “هو واهم” على حد تعبيره.