لخرطوم- الرياض ووكالات الأنباء
اتسعت أمس الانتفاضة الشعبية في السودان، حيث أصيبت العاصمة بالشلل واندلعت أعمال شغب في بعض الاحياء في اليوم الثالث على التوالي من الاحتجاجات التي أسفرت عن تسعة قتلى حتى الآن، فيما دعت السفارة الأميركية في الخرطوم جميع الأطراف إلى “عدم استخدام العنف”، وقالت في بيان أصدرته مساء أمس إنها “تدعو السلطات الى احترام الحريات المدنية وحق التجمع السلمي وجميع الاطراف الى عدم استخدام العنف”.
ومنذ صباح أمس خرجت تظاهرات بصورة عفوية في عدد كبير من أحياء الخرطوم، والبعض منها قريب من وسط العاصمة. وردّد المتظاهرون الذين شكل الطلاب القسم الأكبر منهم “حرية.. حرية” و”الشعب يريد إسقاط النظام”، مستعيدين بذلك الشعار الأبرز لما أُطلق عليه “الربيع العربي”. ورشقوا الشرطة بالحجارة فردت بإلقاء قنابل مسيلة للدموع والرصاص المطاطي. وأقفلت المتاجر في الخرطوم والمدينة القريبة منها أم درمان. وقطع عدد كبير من الطرق، إذ أضرم المتظاهرون النار في الإطارات المستعملة أو في أغصان الأشجار، وانتشرت سحابة دخان كثيفة سوداء فوق عدد كبير من أحياء العاصمة. كما أضرم متظاهرون النار أمس في عدد كبير من السيارات في مرآب فندق كبير يبعد 500 متر عن مطار الخرطوم وفي محطة وقود على الطريق نفسها. وتدخلت قوات الامن لتفريق المتظاهرين بإلقاء قنابل مسيلة للدموع، واوقفت عشرين متظاهرا.
وفي حي الخرطوم بحري، أكد أحد الشهود أنه شاهد ست سيارات أحرقها المتظاهرون.
وأقفلت الشرطة عند الظهر قسماً من محور الطرق المؤدي الى المطار، وتوقفت وسائل النقل المشترك ظهرا. وأكد الموظف أحمد عمر لدى عودته الى منزله في نهاية الدوام “كان عليّ السير عشرة كيلومترات. صحيح ان المتظاهرين يدافعون عن حقوقنا، إلا انهم يزيدون من صعوبة حياتنا”.
ولمواجهة اتساع الاضطرابات، اعلنت السلطات اقفال المدارس في الخرطوم حتى 30 ايلول/سبتمبر.
وقطعت من جهة أخرى اتصالات الانترنت في العاصمة، كما ذكر عدد من المستخدمين، لكن لم يكن ممكناً معرفة هل ان هذا التوقف ناجم عن عطل او عن قطع متعمد من قبل السلطات. وانتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي دعوات الى تنظيم تظاهرات احتجاج على الحكومة.
وكانت التظاهرات اندلعت الثلاثاء في الخرطوم وأم درمان وتواصلت حتى فجر الاربعاء.
وقتل الاربعاء الطالب عمر محمد احمد الخضر الذي كان يشارك في التظاهرات في ام درمان، كما اكدت عائلته لوكالة “فرانس برس”. وتحدثت الشرطة من جهتها عن قتيل في العاصمة، سقط خلال “محاولة نهب”.
ونهب متظاهرون الثلاثاء مقر حزب المؤتمر الوطني الحاكم، في ام درمان، واحرقوه، كما افاد شهود. واتسعت الاحتجاجات في انحاء اخرى من البلاد، وسار مئات الاشخاص منهم طلاب أمس في بورت سودان، المرفأ الوحيد في البلاد على بعد الف كلم شمال شرق الخرطوم، كما افاد شهود ذكروا ان الشرطة فرقت المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع والهراوات.
وتظاهر مئات الطلاب ايضا في عطبرة التي تبعد 400 كلم شمال الخرطوم. وبدأت التظاهرات الاثنين في ود مدني كبرى مدن ولاية الجزيرة جنوب شرق الخرطوم، واقدم متظاهرون على قتل متظاهر، كما قالت الشرطة. وذكرت ان مجموعة من المتظاهرين في هذه الولاية حاولوا الثلاثاء “مهاجمة مبنيي التلفزيون وشركة الكهرباء”، مشيرة الى اصابات طفيفة بين المتظاهرين وعناصر الشرطة.
ووصلت حركة الاحتجاج الى اقليم دارفور بغرب السودان.
وكانت الحكومة اعلنت الاثنين الماضي زيادة كبيرة في اسعار المحروقات بعد رفع دعم الدولة، في اطار مجموعة من الاصلاحات الاقتصادية. وكان الرئيس عمر البشير اعلن ان دعم المنتجات النفطية “اصبح يشكل خطرا كبيرا على الاقتصاد”. وفي 2012، حصلت تظاهرات عنيفة ضد نظام البشير بعد اعلان تدابير تقشف مماثلة، منها زيادة الضرائب واسعار النفط.
ويعاني الاقتصاد السوداني من ارتفاع التضخم وتدهور قيمة العملة على اثر فقدان عائدات النفط بعد ان اصبح جنوب السودان دولة مستقلة في يوليو 2011 واخذ معه 75% من انتاج النفط البالغ 470 الف برميل يوميا.
ومنذ ذلك الحين، يواجه السودان تضخماً متسارعاً وندرة في العملات الصعبة لتمويل الاستيراد.