يثور حاليًّا جدل واسع في النمسا حول الإبقاء على مركز “الملك عبد الله للحوار بين الأديان والثقافات” في فيينا من عدمه؛ وذلك في تفاعل مع الحملة الإعلامية التي تشنها بعض وسائل الإعلام الغربية ضد المملكة وأحكام الشريعة الإسلامية، بمناسبة عقوبة الجلد على رائف بدوي مؤسس موقع “الليبراليون السعوديون”، الذي سبق إدانته بعدة جرائم؛ منها عقوق والده والردة.
وكان من المقرر أن يكون اليوم الجمعة (16 يناير 2015)، موعد إنزال عقوبة الجلد 50 جلدة من أصل 1000 بحق رائف، بعدما سبق أن تلقى دفعة أولى من العقاب علنًا يوم الجمعة الماضية، أمام مسجد الجفالي بجدة، عقب صلاة الظهر، في حضور مئات المصلين، إلا أنه تم تأجيلها مراعاةً لظروفه الصحية، حسب شبكة “سي إن إن” الإخبارية.
وحسب وكالة “الأناضول”، فإن دعوات ظهرت للمطالبة بإغلاق المركز، بالتزامن مع الأجواء المتوترة التي تشهدها أوروبا حاليًّا، عقب تعرض صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية لهجوم إرهابي أودى بحياة 12 من العاملين بها الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى موقف النمسا الرافض للعقوبة المفروضة بحق رائف بدوي.
وتأسس مركز الملك عبد الله الدولي للحوار بين الأديان والثقافات عام 2011، بعضوية النمسا وإسبانيا والسعودية، بمقتضى اتفاقية المقر التي تعطي المركز صفة المنظمات الدولية التي لا تخضع للقضاء المحلي. وتعهدت المملكة بتحمُّل تكلفة المركز بمبلغ 15 مليون يورو حتى نهاية العام الحالي.
من جانبه، طالب رئيس الحكومة النمساوية فيرنر فايمان من وزارة الخارجية، تقريرًا حول إمكانية الانسحاب قبل الصيف المقبل، معتبرًا أن المركز لم ينأ بنفسه عن الأحداث التي تشهدها أوروبا حاليًّا، متمسكًا في الوقت نفسه بمد جسور الحوار وإبقاء المركز في الوقت الحالي على الأقل، فيما أظهر كل من رئيس الكنيسة الكاثوليكية في فيينا الكاردينال شونبورن، ورئيس الجمهورية النمساوية هاينز فيشر، تمسكهما ببقاء المركز، ومعارضتهما التامة لإغلاقه.
من جهة أخرى، طالبت الأمم المتحدة، السلطات السعودية بالعفو عن السعودي رائف بدوي. ونقلت شبكة “روسيا اليوم” عن المفوض الأعلى لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة زيد رعد الحسين؛ قوله إنه تقدم بطلب إلى السلطات السعودية للعفو وعن رائف، معتبرًا عقوبة الجلد “قاسية” وتخالف القانون الدولي لحقوق الإنسان.
فيما أعرب وزير الخارجية الكندي جون بيرد، عن قلقه من جلد رائف، موجهًا “نداء للعفو عنه”، مؤكدًا في الوقت ذاته أن بلاده تحافظ على شراكة فاعلة وعلاقات صريحة ومنفتحة مع السعودية، حسب موقع “الإذاعة الألمانية”.
يأتي ذلك في الوقت الذي عقدت فيه زوجة رائف بدوي “إيناس حيدر” التي تقيم هي وأبناؤها في كندا، مؤتمرًا صحفيًّا الخميس، بحضور ممثلين عن منظمة العفو الدولية، طالبت فيه بالإفراج عن زوجها، مهاجمةً المملكة وتنفيذ الأحكام القضائية بها، حسب شبكة “بي بي سي” الإخبارية.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية سبق أن طالبت السعودية بوقف تنفيذ العقوبة بحق رائف، معتبرةً أن الجريمة التي ارتكبها لا تستحق أن يُجلَد بسببها.
وظهر رائف بدوي في فيديو مسرب الأسبوع الماضي، أثناء جلده 50 جلدة أمام مسجد الجفالي بجدة؛ حيث تجمع مئات المصلين لمشاهدة التنفيذ؛ حيث تلقى العقوبة واقفًا على قدميه، وهو بكامل ملابسه، فيما شرع أحد رجال الأمن في الضرب على ظهره بعصا رفيعة، ضربات خفيفة وزعها على ظهره ورجليه، في عقاب أشبه ما يكون بالتأديب المدرسي، فيما تعالت صيحات المتجمهرين بالتكبير فور انتهاء التنفيذ.
وسبق أن حُكِم على “رائف” بالسجن 10 سنوات، وغرامة قدرها مليون ريال، وألف جلدة العام الماضي، بعد أن طعن المدَّعون على حكم أوَّلي بالسجن 7 سنوات و600 جلدة، ووصفوا الحكم بالمتساهل.