أصدرت الهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته بياناً للتعليق على الاعتداء على مجلة “شارلي إبدو” الفرنسية الساخرة من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ومعاودتها نشر الرسوم المسيئة، مؤكدة أنها تطلق مبادرة عملية للتعريف بالقيم الأخلاقية والعلاقات الإنسانية في السيرة النبوية، تتمثل في تدشين الترجمة الفرنسية للموسوعة الميسرة في التعريف بنبي الرحمة.
واعتبرت الهيئة أن نشر مثل هذه الإساءات من شأنه إثارة الأحقاد، داعية المسلمين في الوقت ذاته إلى التعامل بأسلوب واعٍ مع هذه الممارسات.
ورأت الهيئة أن استمرار الصحيفة في نشر هذه الرسوم أمر مرفوض ويهين مشاعر مليار ونصف المليار مسلم حول العالم.
وفيما يلي نص البيان:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى إخوانه من النبيين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وسلم تسليماً، أما بعد:
فإن الأمانة الهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته وضمن قيامها برسالتها وبواجباتها التي تأسست من أجلها، ومنها: رصد وتفنيد الشبهات والإساءات الموجهة إلى الجناب النبوي الشريف، قد تابعت ما صدر عن المجلة الفرنسية (شارلي إبدو) من تعمد الإساءة لرسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم مراتٍ متكررة، وبنت الهيئة حينها من أنَّ هذا الأسلوب ليس من الحرية في شيء، بل مخالف للحكمة والمنطق السليم لما فيه من إساءة لنبي كريمٍ جاء بالرحمة للعالمين، وحذَّرت الهيئة مما قد يترتب عليه من إثارة الأحقاد والقلاقل، كما حثَّت الهيئة في حينها على أن يتجنب المسلمون التعامل غير الواعي مع هذه الإساءات.
وفي ضوء ما تم الإعلان عنه مؤخراً من استهداف مقر مجلة (شارلي إبدو) وقتل عدد من الصحفيين والرسامين فيها، ثم ما أقدمت عليه الصحيفة لدى صدورها بعد الحادث هذا اليوم الأربعاء، وضمَّنته صورة كاريكاتيرية مزعومة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن الأمانة العامة للهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته، تود بيان عدد من الأمور:
1/ إن معاودة الصحيفة للرسوم المزعومة للرسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوضة بكل أحوالها، ساخرةً كانت أو غير ذلك. وهو استمرار من الصحيفة في مسلكها الخاطئ تحت ستار الحرية وهي في الحين نفسه إساءة لمشاعر مليار ونصف المليار من المسلمين في العالم وكل ذلك يوجب على العقلاء معه أن يتنادوا في كل مكان لكفِّ هذه الإساءات.
2/ في الحين الذي تؤكد فيه الأمانة العامة للهيئة على أن ما حصل من مهاجمة مقر المجلة المذكورة وقتل اثني عشر شخصاً هناك لا يصحّ أن يلصق بالإسلام والمسلمين، كما أنه لا يمثل أخلاق الإسلام ولا منهجه، ويدل على ذلك: ذلك أنَّ رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم لما كَثر أذى المشركين له في حياته أوحى الله إليه: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن السَّيِّئَةَ) [ سورة المؤمنون: 96] فالتزم عليه الصلاة والسلام وصية ربه وأوصى به أتباعه، فكان من هديه الرفق والعفو والصفح.
وعليه فإن الأمانة العامة للهيئة تدعو جميع المسلمين في كل مكان وبخاصة في فرنسا إلى التعامل الحكيم مع هذه الإساءات، بعيداً عن العنف والاعتداء، ولكن بأخلاق الإسلام القائمة على الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن، وأن يستثمروا هذا الحدث لمزيد التعريف بالرسول الكريم وبأخلاقه وشمائله السامية.
3/ تقدِّر الأمانة العامة للهيئة لكلٍّ من رئيس الجمهورية الفرنسية ولرئيس وزرائه ما أكَّداه لشعبهما وللعالم مما يجب من عدم الخلط بين مبادئ الإسلام السمحة وبين الإرهاب الظالم، وكذلك ما أعلنه كل منهما من التزام السلطات بحفظ حقوق المسلمين في فرنسا وحماية مساجدهم أسوة بمواطنيهم من الديانات الأخرى.
4/ تثمِّن الأمانة العامة للهيئة القرار الواعي للمسؤولين وللمؤسسات الإعلامية ووكالات الأنباء والصحف التي عارضت إعادة نشر الرسوم المسيئة، كما أنها تستنكر الموقف المتشنج للأشخاص والصحف التي أعادة نشر الرسوم المسيئة أو شجعت على ذلك.
5/ تؤكد الأمانة العامة للهيئة على الواجب على المسلمين بالتعريف الأمثل بدينهم وبنبيهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبيان سماحة شرعه وسمو أخلاقه، وبخاصة مع ازدياد عوامل التشويه والإساءة لسمعة الإسلام.
6/ تود الأمانة العامة للهيئة أن تعلن عن مبادرة عملية للتعريف بالقيم الأخلاقية والعلاقات الإنسانية في السيرة النبوية، تتمثل في تدشين الترجمة الفرنسية للموسوعة الميسرة في التعريف بنبي الرحمة، والتي تمثل أحد مشاريع الهيئة العملية والثقافية للرد الحكيم على الإساءات الموجهة للجناب النبوي وتعمل الهيئة على نشرها في الدول الناطقة بالفرنسية، وترحب بالتعاون لدعم هذه المبادرة.
7/ تدعو الأمانة العامة للهيئة المؤسسات الثقافية والإعلامية والتربوية في العالم إلى مراجعة مفهوم الحرية المطلقة للصحافة، بأن يكون منضبطاً بأخلاقياتٍ وقيمٍ تمنع المساس بحقوق الآخرين أو إهانتهم أو ازدراء مقدساتهم وثقافاتهم، أو إلحاق الضرر بهم حسِّياً أو معنوياً.
8/ تذكِّر الأمانة العامة للهيئة بالدعوة الكريمة التي نادى بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لأن تجتَمِع أمم الأرض على منع الإساءة للرسل أو رسالاتهم، وأن يكون هذا من خلال ميثاق دولي تتبناه الأمم المتحدة.