إلياس قروس.. شاب ألماني الأصل والمنشأ, اعتاد منذ إسلامه قبل 6 أعوام على تخصيص ساعتين يومياً من وقته لزيارة أصدقائه من أبناء الجيل الثاني من المسلمين, لتذكيرهم بأهمية هذا الدين بعد أن تخلى شريحة واسعة منهم عن الصلاة وبعض الشعائر الإسلامية.
إلياس الذي يبلغ من العمر الـ 26 ، ولا يجد حرجاً من استغراب المجتمع الشتوتغارتي من دعوته لأبناء الجاليات العربية بل يرى أن الدعوة ليست حصراً على أحد, مؤكداً اعتزازه الشديد بالعدد الكبير الذي نجح في إقناعهم من أبناء المسلمين, وبالشخص الوحيد المسيحي الذي أقنعه بدخول الإسلام قبل أسابيع قليلة.
قضاء الشهوات
ويحكي إلياس قصته قبل الإسلام قائلاً “كنت شاباً عشوائياً لا أعرف للتنظيم سبيلاً, لم يكن لي هدف إلا قضاء شهواتي المتنوعة, لم أتوقف يوماً عن الخصام والمشاجرة مع أسرتي وعائلتي حتى إنهم تمللوا مني ومن تصرفاتي العدوانية, كنت أعلم حينها أنني لست طبيعياً, وأمني النفس أن أجد طريقاً يؤدي بي للخير والسعادة ويبعد عني الضيق الذي أعانيه ولكنني استمررت أبحث عن هذا المجهول لفترة ليست بالقصيرة.
الوجه المضيء
ويواصل: بداية التغيير كانت بسبب صديق ألماني يدرس معي في المدرسة نفسها, كان عشوائياً مثلي ويشعر بالكثير من القلق, وفجأة تغيرت حياته رأساً على عقب, وكان واضحاً عليه الراحة التي انعكست على وجهه المضيء, وبعد أن استجوبته لمرات عدة اعترف بأنه أسلم ولكن بالسر, وبعد إلحاحه عليّ طلب مني مرافقته للمسجد لأتعرف على سر الراحة.
تعجب إلياس بشدة من تغير وجه صديقه من الوجه البائس القلق إلى وجه مضيء مختلف كلياً عن باقي زملائه واقتنع بضرورة مرافقته ليعلم سر هذا الاختلاف العجيب.
واستطرد : منذ أن دخلت بيت الله, شعرت براحة عجيبة, وهربت في المرة الأولى ثم صرت أعود من فترة لأخرى لأدخل المسجد مستمتعاً بذلك الشعور الغريب, حتى التقيت صديقي مرة أخرى والذي أقنعني بالإسلام ولم أتردد ونطقت الشهادتين واعتنقت هذا الدين العظيم.
إقلاع الخمور
كان من حسن حظ إلياس أن إسلامه توافق مع بداية شهر رمضان قبل 6 أعوام, وبدأ تدريجياً في الإقلاع عن الخمور والسجائر ونجح في ذلك, لكنه اصطدم بمعارضة من عائلته المسيحية حيث قررت شقيقته مقاطعته نهائياً واتهمه شقيقه بالخيانة في حين لم يحرك والداه ساكناً، بعد أن لاحظا تغييراً كبيراً في تصرفاته وتعاملاته للأحسن وهو ما أثار غبطتهما ولكن دون أن يشعرانه بذلك.
ومنذ أن التحق بالعمل في أحد المخازن قرر الزواج بشابة مسلمة من الجنسية الأفغانية, وهرب من أصدقائه الفاسدين لأنه لم يعد يحتمل تلك الحياة, في حين يواصل عمله التطوعي اليومي في دعوة أبناء الجيل الثاني للمغتربين العرب في شتوتغارت مؤملاً بأن ينجح في إعادة الضال منهم لطريق الصواب.
الدعوة بالحسنى
ويقول إلياس عن العمل التطوعي: منذ أن قرأت عن الدين الإسلامي واقتنعت به تماماً, تألمت من حال الشبان المسلمين بالاسم فقط من أبناء الجيل الثاني الذين ولدوا في شتوتغارت وحملوا الإسلام اسماً فقط, في حين لا يطبقون أي تعاليمه, لا يصلون ولا يصومون, وانغمسوا تماماً في ملذاتهم الدنيوية, ولذلك قررت أن أتفرغ برفقة أحد أصدقائي لمدة ساعتين يومياً, وذلك بزيارتهم في الحدائق العامة والتجمعات الشبابية ودعوتهم للصلاة بالحسنى والموعظة الحسنة مثلما قال الله تعالى لنبيه في القرآن الكريم, وقد تعرضنا في مرات عديدة لطرد وشتم ولا نرد عليهم, وفي المقابل نجحنا ولله الحمد في إعادة عدد كبير منهم للصلاة في المسجد.
إجازة رمضان
يجتمع إلياس في رمضان عادة مع باقي المسلمين لتناول الإفطار معاً في المسجد وأداء صلاة التراويح جماعة, ويحرصون على قراءة الأحاديث النبوية وتدبرها خلال الشهر المبارك, مع ضرورة أخذ إجازة من عمله خلال الأيام العشر الأخيرة من رمضان حتى يتفرغ خلالها للعبادة .