بدعوة من المملكة العربية السعودية رئيس القمة الإسلامية في دورتها الحالية ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي، عقدت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، في مقرها بمحافظة جدة اليوم، اجتماعًا طارئًا مفتوح العضوية للجنة التنفيذية لمناقشة الإجراءات تجاه تداعيات حادثة حرق نسخة من المصحف الشريف التي جرت في دولة السويد أول أيام عيد الأضحى المبارك.
واستهل الاجتماع بآيات من الذكر الحكيم ، تلاها كلمة المملكة العربية السعودية ألقاها المندوب السعودي الدائم بمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور صالح بن حمد السحيباني، ثمّن فيها عاليًا الحضور الفاعل لهذا الاجتماع لمناقشة الأعمال السافرة الاستفزازية والأفعال الدنيئة المتكررة للاعتداء على حرمة وقدسية المصحف الشريف في مملكة السويد.
وقال:” في الوقت الذي يحتفل فيه المسلمون في كافة أنحاء العالم بعيد الأضحى المبارك في صورة بهية وأوقات سعيدة تجسد أروع صور التلاحم والتعاون لما فيه صالح البشرية، وتنشد السلام والأمان والوئام، وفي الوقت ذاته الذي يؤدي فيه ضيوف الرحمن فريضة الحج الركن الخامس من أركان الدين الإسلامي الحنيف الذي دعا إليه القرآن الكريم؛ لتعزيز أواصر التآخي وروابط التعايش مع كافة الأعراق والأجناس، وأمام بيت مطهر من بيوت الله يستفيق المسلمون على محاولات متكررة بغيضة، وأفعال متطرفة دنيئة بحماية وتصريح من سلطات دولة تعد متحضرة وللأسف الشديد، وذلك من خلال حادثة سافرة تستهدف الإسلام، واستفزاز مشاعر ملايين المسلمين في كافة أنحاء المعمورة في أهم وأعظم أصول التشريع الإسلامي ومقدساته عبر إساءات استفزازية متكررة وللمرة الرابعة على التوالي في الدولة ذاتها تحديدًا لمحاولة تدنيس المصحف الشريف تحت ذريعة حرية الرأي والتعبير الزائفة، التي تتعارض مع روح المادتين 19 و 20 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك تناقض خطة العمل المتفق عليها بالإجماع الدولي وفقاً لقرار مجلس حقوق الإنسان رقم 16/ 18 التي تكافح التحريض على الكراهية والتمييز على أساس الدين أو المعتقد”.
وأضاف : من هذا المنطلق تعرب المملكة العربية السعودية عن إدانتها واستنكارها الشديدين لتلك الأفعال المتكررة الدنيئة، مؤكدة أن تلك الأعمال البغيضة لا يمكن قبولها تحت أي مبرر وهي تحرض بوضوح على الكراهية والإقصاء والعنصرية، وتخالف الشرائع السماوية وكل قرارات المرجعيات والمواثيق الدولية الداعية للوئام والسلام والتقارب، كما أنها في الوقت نفسه تتناقض وبشكل مباشر مع الجهود الدولية الساعية إلى نشر قيم التسامح والاعتدال ونبذ التطرف، وتقوض مبادئ الاحترام المتبادل الضروري للعلاقات بين الشعوب والدول.
وتشدد المملكة في هذا الصدد على ضرورة القيام باتخاذ إجراءات حاسمة من قبل المجتمع الدولي ومن لدن منظمتنا العريقة هذه لمنع تكرار هذه الممارسات الخارجة عن القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية، ذلك أن مثل هذه الأفعال السافرة لن تؤدي إلا لمزيد من التعصب والتطرف ونشر الكراهية والعنف، وبث الفتن والشرور في وقت أحوج ما تكون فيه الشعوب إلى التعارف والتقارب والوئام.
كما تؤكد المملكة في الشأن ذاته على مسؤولية تلك الدول في منع تكرار دعوات التحريض وجرائم الكراهية، والوقوف بحزم تجاه تلك الممارسات الاستفزازية، وتعيد التأكيد في الوقت نفسه على إعلاء القواسم المشتركة لقيم التسامح والتعايش السلمي بين الشعوب، وتعزيز سبل الحوار بين الحضارات وفقًا لمنطوق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لاسيما قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 167/ 66, ذلك أن نشر مثل هذه القيم والمبادئ الإنسانية النبيلة هو السبيل الأمثل لواجهة خطابات الكراهية والتعصب والتطرف.
وتابع السحيباني: إن المملكة العربية السعودية لتأمل من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي المساعدة في تفعيل دور مرصد الإسلاموفوبيا ودعمه بكافة السبل؛ ليقوم بدوره على الوجه المنشود منه، كما تحث مكاتب المنظمة في الخارج إلى اتخاذ زمام المبادرة وبالتنسيق مع البعثات الدائمة للدول الأعضاء في المنظمة للعمل معًا في الاتجاه ذاته، وتدعو الأمانة العامة في الوقت نفسه إلى سرعة الانخراط البناء مع جميع المعنيين الدوليين وصناع الرأي العام المؤثرين في العالم بغية محاربة ظاهرة الإسلاموفوبيا، والتصدي لمثل هذه الأعمال السافرة من خلال صياغة إستراتيجية فاعلة ترمي إلى خلق بيئة دولية تفضي إلى الوئام الحضاري وتنبثق من الخطة العشرية للمنظمة، ومستذكرة منطوق قرارات القمم الإسلامية والمجالس الوزارية السابقة ومن ميثاق المنظمة النفيس، ومستثمرة العمل الوثيق مع الجهات الفاعلة والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية لزيادة الوعي العالمي بظاهرة الإسلاموفوبيا.
كما تطالب المملكة بوضع تدنيس حرمة المصحف الشريف والرموز والمقدسات الإسلامية في أولويات أجندة الاجتماعات التنسيقية لوزراء الخارجية التي تعقد على هامش أعمال الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وكذلك القمة الإسلامية والمجالس الوزارية القادمة، وذلك بهدف اتخاذ المزيد من الإجراءات الفاعلة للتصدي لهذه الظاهرة السلبية ضد الإسلام والمسلمين. قال الله تعالى: (إنا كفيناك المستهزئين)، صدق الله العظيم.
بعد ذلك ألقى معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، كلمة دعا خلالها الدول الأعضاء في المنظمة إلى اتخاذ موقف موحد وتدابير جماعية للحيلولة دون تكرار حوادث تدنيس نسخ من المصحف الشريف والإساءة إلى نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال الأمين العام :” إنه للأسف، في اليوم الأول من تلك المناسبة الميمونة – أول أيام عيد الأضحى المبارك -، عندما كان جميع المسلمين في جميع أنحاء العالم يحتفلون، تم ارتكاب عمل حقير من تدنيس المصحف الشريف خارج المسجد المركزي في ستوكهولم، عاصمة السويد”، مشيرًا إلى أن الاجتماع يأتي لمناقشة الرد المناسب على ذلك الإجراء.
وأكد الأمين العام الحاجة إلى إرسال رسالة واضحة مفادها أن أفعال تدنيس المصحف الشريف والإساءة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والرموز الإسلامية ليست مجرد حوادث إسلاموفوبيا عادية، مشددًا على ضرورة إرسال تذكير مستمر إلى المجتمع الدولي بشأن التطبيق العاجل للقانون الدولي، الذي يحظر بوضوح أي دعوة إلى الكراهية الدينية.