أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ عبدالله بن عواد الجهني المسلمين بتقوى الله عز وجل حق التقوى في السر والنجوى والمداومة على الطاعات.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: “نحمد الله تبارك وتعالى على نعمة الإسلام، ونحمده على نعمة الأمن والرخاء، ونحمده سبحانه وتعالى أن جعل الحج واجباً في العمر مرة واحدة من غير تكرار، ونحمده أن منّ على حجاج بيته الحرام التفرّغ لعبادته وحده دون من سواه، لم يشغلهم شاغل، ولم يكدر صفو أقامتهم مكدر، ولم يقلقهم صراخ ماكر، ولم تضايقهم محاولات مفسد مكابر، فجزى الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وحكومتهما الرشيدة عن الإسلام والمسلمين أحسن الجزاء وأوفاه”.
وبين أن هذا اليوم من معدودات الأيام المفضلة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز (واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى )، وهي أيام التشريق الثلاثة بعد العيد، لمزيتها وشرفها، وكون بقية أحكام المناسك تفعل بها، وهي أيام أكل وذكر ودعاء وإنابة واستغفار، أيام خير وبركة.
وأضاف فضيلته: ” نحن اليوم في يوم النفر الأول من الحج لمن تعجل، في هذا اليوم يُوَدِّع الحجاج مشاعر الحج الطيبة المقدسة، بعد أن وقفوا بين يدي الله عز وجل فى تلك البقاع المفضلة، وبعد أن أفاض عليهم الرب جل جلاله، وتقدست صفاته وأسماؤه من نفحات جوده وكرمه، ووهب مسيئهم لمحسنهم، وغفر لهم ولمن شفعوا فيه، سينصرفون إلى أهليهم وبلادهم بعد أن فازوا بهذا الفضل العظيم، وبهذا الشرف الدائم بيسر وسهولة وفى أمن وأمان وراحة واستقرار ورغد من العيش، فهنيئاً لمن كان حَجّه مبروراً وسعيه مشكوراً وعمله مقبولاً، فقد خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وفاز برضوان الله ورحمته، فهذه نعمة كبرى يجب شكرها ورعايتها، فما جزاء النعمة إلا الشكر، وما جزاء التوفيق إلا التزود من الخير والاستقامة، وما جزاء المغفرة إلا الإكثار من العمل الصالح وإخلاص العمل لله وتعلق القلب بالله وحده لا شريك له، علقوا آمالكم كلها بالله وحده ولا تصرفوا منها شيئاً لأحد سواه، فهو الذي بيده النفع والضر، وهو الذي بيده حياتكم وموتكم وإليه المصير”.
وخاطب فضيلته الحاج قائلاً: “بعد أن أتم الله عليك نعمته وفزت بهذه المكرمة الربانية، يجب عليك أن تشكر الله على ما يسر لك وعلى ما أعطاك وهداك، فحافظ على نعم الله بشكرها، ولازم التوبة والاستغفار على بقاء صحيفتك صافية نقية، واحذر أن تخالف تلك التوبة واحذر أن تنقض العهد، وتعود إلى حمل الأوزار وأثقالها وأخلص العبادة لله وحده، وهكذا ينبغي للعبد، كلما فرغ من عبادة، أن يستغفر الله عن التقصير، ويشكره على التوفيق، لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة، ومنّ بها على ربه، وجعلت له محلاً ومنزلة رفيعة، فهذا حقيق بالمقت، ورد الفعل، كما أن الأول حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال صالحة أخرى”.
ودعا الشيخ الجهني إلى التمسك بالدين وأداء العبادات والحفاظ على مكارم الأخلاق وغض البصر عما حرم الله وتجنب قذف المحصنات الغافلات المؤمنات وحسن تربية الأبناء وبر الوالدين فالأعمال الصالحة في القلوب الطيبة تنفذ كنفوذ الماء العذب في الأرض الخصبة، يحيي القلوب ويوقظها ويكسبها قوة ونشاطاً وعزيمة وثباتاً، وحينئذ يكون للحج والعمرة أثرٌ حسنٌ في نفس الحاج ومكانةٌ عند الله عزوجل .
وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي المسلمين بتقوى الله عز وجل.
وقال فضيلته: “تتوارد علنا مواسم الطاعات والخيرات، وتتوالى الفرص والمناسبات، فيشمّر فيها العقل عن ساعد الجد، ويستحث الهمة ويترقى في سلم الفضائل، يسمو بروحه ويغذي إيمانه، ويعزز رصيده و يستدرك ما فات، ويستعد لما هو آت، ويسد ما سها عنه وغفل، ويصلح ما عسى أن يكون من الخلل، فإذا ما انتقضت تلك المواسم تغير حال بعضنا فيضعف النشاط، ويتراجع الحماس، وتخوا الهمة، وهذا يحدونا أن نتساءل عن المسار الأسلم والهدي الأقوم للعمل على مدار العام.
وأضاف فضيلته: “لعلنا نستلهم الحواب الشافي والعلم الوافي من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي جلّته لنا أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها حين سألها علقمة كيف كان عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- هل كان يخص شيئاً من الأيام؟ فقالت: (لا كان عمله ديمة), أي كان عمله دائماً لا ينقطع .
وبين فضيلته: “أن هذا النهج النبوي والسلوك التعبدي يجعل المرء دائم الصلة بخالقه مقبلاً على ربه فالقليل الدائم قصد واعتدال وهو لطيف على القلب لا تجد له ثقلاً تشتاق إليه النفس وتقبل عليه لأجل تنوعه والقليل مع الدوام كثير ومع صدق النية مضاعف وأثره في النفس عميق واعلم أن ساعات زمانك التي تنظر إليها بعين التقليل إذا استثمرتها بعمل دائم حققت الكثير في حياتك”.
وحث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي المسلمين بتخصيص وقت قليل دائماً كحفظ القران أو لطلب العلم أو قراءة سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو قراءة مفيدة أو الجلوس مع الأولاد للتربية أو في عمل تطوعي فسيبلغ مراده ويحقق أهدافه وسيظهر أثر ذلك على حياته وسعة فكرة .