بعد أن انتهت الإجازة الصيفية، وبدأت الأسر الاستعداد للعام الدراسي الجديد، باتت مشكلة غلاء المصروفات أزمةً داخل كل منزلٍ بسبب الغلاء الجنوني في أسعار كثيرٍ من المدارس الأهليّة والخاصّة، والمواطن لا يستطيع تحمُّل هذا الغلاء.. من جهة أخرى ألقى بعض مُلاك المدارس اللوم على “العمل والتعليم” مؤكدين أن المواطن البسيط هو مَن يدفع فاتورة القرارات غير المدروسة.
عبء على الأسرة
أبو فهد تحدث لـ “سبق” عن ارتفاع أسعار المدارس قائلاً: “مدرسة ابني زادت ثلاثة آلاف ريال عن العام الماضي، وعندما تحدثت مع المدير، فاجأني برده أن هناك عشرات المدارس الحكومية التي أستطيع أن أضع ابني فيها، وإلا أستسلم لتلك الزيادة الكبيرة، لافتاً إلى أنه ليس ضدّ المدارس الحكومية، بيد أنها لا تلبي طموح الكثير حيث التكدُّس في الفصول والإهمال في التعليم”.
بدورها قالت إحدى الأمهات: “مصروفات مدارس الأولاد لم ترتفع عن العام الماضي، أما بالنسبة لمدارس البنات فقد ارتفعت مصروفاتها 2000 ريال لكل طالبة عن العام الماضي، منتقدة ارتفاع رسوم الكتب الإضافية، والزي المدرسي والاشتراك في الحفلات، على الرغم من أن المدرسة ليست عالمية، وأوضحت أن هذا نهج المدارس الخاصّة، والذي يمثل عبئاً على الأسرة”.
“أفكر جديا في تحويل ابنتي من مدرسة عالمية إلى حكومية” بهذه العبارة بدأت إحدى الأمهات حديثها لـ “سبق” قائلة: “مع الأسف ارتفعت مصروفات هذا العام عن العام السابق 3000 ريال، وأنا لديّ ثلاث بنات”، متسائلة: “كيف أستطيع دفع مصروفاتهن من راتبي الخاص، إضافة إلى رسوم الكتب الدراسية، والزى المدرسي؟!” وأبدت رغبتها في تحويل بناتها إلى مدرسة حكومية، معربة عن مخاوفها من ضياع فرصة التقديم، مع اقتراب العام الدراسي.
مصروفات باهظة
وتحدثت أم أخرى قائلة: “بناتي في مدرسة متميّزة في جدة، وكانت مصروفاتها 19 ألف ريال”، موضحة أن مصروفات المدرسة زادت 4000 ريال العام الماضي، وقالت: “أخبرتنا المدرسة بارتفاع المصروفات؛ نظراً لأن شهادة المدرسة أصبحت معتمدة كدبلومة أمريكية، وأعربت عن نيتها في استمرار دراسة بناتها في المدرسة نفسها، معللة ذلك بالمستوى المتقدم للمدرسة، خاصة في اللغات.
وأبدت إحدى الأمهات استياءها من ارتفاع مصروفات المدارس العالمية قائلة: “لقد ارتفعت مصروفات مرحلة الروضة من 12 ألفاً إلى 22 ألفاً، نظراً لانتقال مقر المدرسة إلى مكانٍ أرقى!”، موضحة أنها سحبت أوراق بناتها الثلاث من المدرسة، وقالت: “أعتقد أن المدرسة تهدف إلى تحديد مستوى اجتماعي معين لطلابها، ولذلك فقد رفعت مصروفاتها”.
ذوو الدخل المحدود
وتحدثت مديرة إحدى المدارس لـ “سبق” قائلة: “لا توجد إشكالية حول تصحيح الأوضاع، نحن مسؤولون عن حماية الأطفال، ولا بد أن تكون العمالة الموجودة على قدر المسؤولية وجديرة بذلك”، مطالبة بضرورة وجود بطاقات تسجيل للعمالة، والتي تثبت جدارتها منها يتم عمل ترخيص لها، حتى لا تضطر المدرسة لأن تأتي بعمالة على كفالتها، وتضطر لقبولهم حتى إذا ثبت فشلهم، حتى لا تقع في موضع اتهام ومسؤولية.
وأعربت عن أسفها من تعميم النظام نفسه على جميع المدارس دون مراعاةٍ لذوي الدخل المحدود والأحياء المتوسطة التي تراوح رسومها بين خمسة وعشرة آلاف، مشيرة إلى أن الكثير من تلك المدارس علّقت نشاطها، والتي وصلت لنسبة لا تقل عن 20 %، بسبب الخسارة الواقعة عليها، حيث تضطر لأخذ قروضٍ حتى تسدّد ديونها.
جشع بعض المُلاك
ولفتت إلى قرار العقد الموحد الذي كان قد تم تطبيقه بين ليلةٍ وضحاها، وقالت: “بعد اجتماع اللجنة الوطنية في الغرفة التجارية والتعليم؛ أقرّوا مبلغ 3100 تدفعها المدرسة للمعلم، و2500 دعماً من الدولة، بشرط عمل تأمين على المبلغ كاملاً؛ ما أضرّ بمدارس تخدم فئةً كبيرةً من المجتمع في الأحياء المتوسطة والأقل”.
وعند سؤالها عن نسبة الزيادة التي فرضتها مدرستها لهذا العام قالت: “زدنا النشاطات في المدرسة، ولذا زادت المصروفات ألف ريال”، مؤكدة أن هناك مدارس أخرى زادت مصروفاتها أكثر من خمسة آلاف ريال، وقالت: “لا شك أن هناك مُلاكاً زاد جشعهم بعد القرارات الأخيرة”.
وعن الخطوات التي اتخذها مُلاك المدارس المتوسطة قالت: “قابلنا نائبة وزير التعليم الدكتورة نورة الفايز؛ لنناقش الظلم والإجحاف الواقع على المدارس الصغيرة، ووعدت بدراسة الموضوع، كما زرنا وزير العمل بخصوص العقد الموحد الذي يخص كل المؤسسات، ملقياً اللوم على وزارة التعليم على عدم مراجعتها للعقد قبل اعتماده”.
وأنهت حديثها قائلة: “قرارات العمل الأخيرة أدت إلى إغلاق بعد المدارس، وارتفاع أسعار جنوني في المدارس الأخرى، والفاتورة يتحمّلها المواطن البسيط في صورة زيادة مصروفات”.
تعاميم عشوائية
وتحدثت لـ”سبق” الأستاذة أمل، مالكة إحدى المدارس الأهلية التي علّقت نشاطها قائلة: “بسبب الضغط الموجّه لنا من وزارتنا الموقرة؛ متمثلا في التعليم الأهلي الذي أغلق علينا كل مخارج الاستمرار، ولم يدرس التعاميم العشوائية التي يصدرها بحقنا أخيراً”، مشيرة إلى بعض العقبات التي واجهتها كتجديد التراخيص، والبلدية، والدفاع المدني، وكذلك شهادة الزكاة والدخل، وشهادة التأمينات التي أصبحت ترفض إلا باعتمادها من الموارد.
وتابعت: “أصبحنا نراجع 6 جهات حكومية والسابعة وزارة التربية والتعليم، فالإغلاق أفضل من أن ندخل في ديون قد نرى أنفسنا يوماً وراء القضبان”، مشيرة إلى أن زيادة المصروفات ليست حلاً، فالمدارس الصغيرة تخدم الحي وذوي الدخل المحدود”، وقالت: “98 % من طلاب المدرسة سعوديون اضطروا للمدارس الخاصّة لحاجتهم للمواصلات”.
وتحدثت عن العام الماضي التي اضطرت فيه إلى زيادة ألف ريال؛ “ما اضطر أولياء أمور إلى سحب ما يقرب من 25 طالباً، على الرغم من أن رسوم مدرستي لم تزد على 6500، بيد أنني أعلم أن المواطن ليس لديه طاقة على الغلاء الذي نعيش فيه”.
وأعربت عن أسفها من اضطرارها لتسليم 150 ملفاً للطلاب وتسريح 15 معلمة سعودية بحاجة إلى الوظيفة، وخمس من العمالة، وإلغاء عقد الإيجار للمبنى، والذي كان مصدر دخل لعائلة سعودية.
وختمت حديثها قائلة: “تدعي الوزارة أنها تعطينا دعماً، وأعلنها لكم أن أكبر دعم حصلت عليه مدرستي من 13 عاماً هو 17000 ريال”، متسائلة “أي دعم ورواتبنا ومصروفاتنا الشهرية خمسة أضعاف هذا الدعم؟! بيد أني لا أستطيع أن ألوم الآباء في إلقائهم اللوم على مُلاك المدارس؛ فهم مغرر بهم، ويعتقدون أننا بنوك لجمع الأموال”.