لا تظن أن قسوتك في معاملة الخادمة أو تأخير راتبها أو طردها أو التستر على العمالة المخالفة سيمر مرور الكرام في كل الأحوال، بل انتظر أن ينقلب ذلك عليك سحرًا زعافًا يسمم حياتك كلها.
فقد أصبح “السحر” وسيلة لبعض الخادمات للانتقام من أصحاب المنزل أو لإجبارهم على إطلاق سراحها وتركها ترحل لبلدها، أو لاستمالة الرجال، أو في أحوال أخرى وسيلة للتكسب وزيادة الدخل، خاصة أن الكثيرات منهن يأتين من بلدان آسيوية وأفريقية يشتهر فيها السحر وفنونه.
وفي جولة لصحيفة “الرياض” بسجن النساء في الملز بالرياض، رصدت عددا من الحالات المقبوض عليها من “الساحرات والمشعوذات”، للتعرف على سبب لجوئهن للسحر وكيف تم القبض عليهن.
واتخذت “ف.ت” -أفريقية عربية، متهمة بالسحر والشعوذة- “زيت الزيتون” غطاءً لممارسة السحر والشعوذة ودخول منازل العديد من السيدات بهدف عمل “مساج”.
وبعد أن تتمكن من الأسرة تبدأ الترويج لقدراتها في الشعوذة، علماً أنها هاربة من كفيلها؛ بسبب تدني الراتب منذ أكثر من عام ولم يبلّغ عنها، وحاولت أن تنكر كثيراً التهمة عنها، ثم عادت بها الذاكرة لتفاصيل القبض عليها، واعترفت أنها ساهمت في فك السحر فقط.
وقالت: “طلبتني سيدة سعودية أن أعالجها بزيت الزيتون، حيث أروج لدى المجتمعات النسائية قدرتي على علاج العقم ونفور الأزواج وأي حالة مرضية أخرى”.
وتابعت أنه: “بعد أن حاولت تقديم العلاج لهذه السيدة طلبت مني أن أعمل لها سحر تسخير زوجها لها، فرفضت بداية لأنه ساورني الشك، وبعد مرور عدة أشهر اتصلت بي مجدداً وطلبت مني أن أعمل لها السحر وبعد أن أصرّت وافقت على مضض واتجهت إلى منزلها، لأفاجأ بأنه “كمين” من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.
ومن ناحيتها قالت إحدى المتهمات بقضية السحر والشعوذة من الجنسية الأفريقية، وهاربة من كفيلتها بسبب تأخرها في تسليم رواتبها منذ عام وشهرين: “تعرفت على امرأة سعودية، وآوتني مقابل أن أسلم لها شهرياً مقابلاً لمكوثي عندها في أحد الأحياء الشعبية، وبدأت أروج لمسحوق ترابي أحضره من بلدي من إحدى الكنائس هناك، وأُحاول إقناع السيدات بأنه علاج لإزالة الضيقة وتفريج الكربات بمقابل مادي”.
وعن طريقة القبض عليها قالت إن إحدى السيدات استدعتها، طالبةً منها هذه التربة للتداوي، وعندما حضرت إليها اكتشفت أنه “كمين” من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أكدت أن التربة التي تحضرها مخلوطة بالسحر.
وبينما دبّت الغيرة بقلب “س.ت” -عاملة آسيوية- من زوجة كفيلها ومحبة زوجها لها، عملت على خلط دمائها مع الشاي الذي يشربه مكفولها بغية أن تسخره لها وتجعله يتعلق بها ويكره زوجته.
وأضافت في اعترافاتها: “كان كفيلي لا يلقي لي بالاً، فكنت أطلب منه الجوال باستمرار وكان يرفض، ويطلب مني أن تكون طلباتي لزوجته وليست له مباشرة، كان يزداد الغيظ بقلبي، عندها بدأت بتلويث إبرة السكر الخاصة به بدمي، وأخذت شعري ووضعته في الأرز والسكر والدقيق وكل مكان في المنزل، واحتفظت بشعر زوجته ثم طلبت السفر، فلاحظ الكفيل تغير لون الشاي ليكتشف فيما بعد أني لوثته، فاستدرجني إلى مركز الشرطة وتم إيداعي في السجن”.
ولا تزال هناك العشرات من القصص خلف قضبان السجن، ومنها لايزال يسكن منازلنا ومجتمعاتنا بمباركة منّا، عبر إيقاف الحقوق، أو مماطلة بتسفير الخادمة بعد انتهاء مدة عقدها، أو بالتستر على المخالفين والمخالفات، أو عدم التبليغ عن العمالة الهاربة.