أكد مجمع الفقه الإسلامي الدولي، أن تعليم الذكور والإناث يعد في الشريعة واجباً شرعيّاً، وقد دلَّت على ذلك آياتٌ مباركاتٌ من القرآن الكريم، وأحاديث صِحَاحٌ من السنَّة النبويَّة الشريفة، ولم يُذكر فيه خلافٌ معتبرٌ بين أهل العلم لذلك كلِّه.
جاء ذلك في بيان صدر عن المجمع اليوم أوضح فيه حكم الشرع في تعليق دراسة البنات والفتيات في المدارس بأفغانستان، عادا التعليم باتفاق علماء الأمَّة أهمَّ وسيلةٍ من وسائل حفظ النفس والدين والعقل؛ لأنَّه هو الذي يمكِّن الإنسان من معرفة ربِّه، ودينه، كما يمكِّنه من معرفة حقوقه وواجباته ومن عمارة الكون، والقيام بمهمَّة الاستخلاف في الأرض بإخلاص وأمان.
وشدد على إنَّ منع البنات والفتيات من التعليم يعدُّ مخالفة لمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولمنهج السلف الصالحين من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين وتابعيهم بإحسان ـ رحمهم الله ـ، ولم تعرف الأمَّة الإسلاميَّة هذه المخالفة عبر تاريخها المديد، خاصَّة أنَّه من المتواتر أنَّ النساء كنَّ يحضرن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يعلم فيه الصحابة رضي الله عنهم، بل إنَّه صلى الله عليه وسلم خصَّص للنساء أياماً لتعليمهن، وكانت أمهات المؤمنين من كبار عالمات الصحابة رضي الله عنهم، وهنَّ اللاتي علَّمنَّ كثيراً من الصحابة والتابعين، رضي الله عنهم، مما يجعل منع البنات والفتيات من التعليم شيئاً منكراً.
وقال مجمع الفقه الإسلامي إنَّه ينبغي تنبيه الأمَّة وتحذيرهم من الاغترار بتلك الأحاديث المشتهرة على ألسنة العوام، خاصَّة تلك الأحاديث الموضوعة المختلقة والمكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم التي يستند إليها بعض المتعلِّمين لتبرير منع البنات والفتيات من التعليم، وعد اتِّخاذ مثل هذا الكلام المكذوب والباطل دليلاً وحجَّةً لمنع أو تعليق تعليم البنات والفتيات يُخشى منه على مَنْ يَفعله من أن يكون ممن يَتركُ عَمْداً ما قرَّرته الآياتُ المُحكماتُ من كتاب الله الكريم ونصَّت عليه البيِّناتُ الواضحاتُ من سنَّة رسوله العظيم صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمَّة، والعياذ بالله.
وناشد مجمع الفقه الإسلاميِّ الدوليَّ السلطةَ الحاكمةَ بأفغانستان أن يبادروا إلى إعادة فتح أبواب المدارس والجامعات للبناتِ والفتيَاتِ الأفغانيَّاتِ، امتثالاً لأمر الله تعالى، وعملاً بسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتزاماً بما عليه الأمَّةُ في كلِّ زمان ومكانٍ، كما يناشدهم أن يحرصوا على تمكين البنين والبنات من الالتحاق بجميع مراحل التعليم وجميع التخصُّصات التي يحتاج إليها الشعب الأفغانيُّ في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه، تمكيناً له من محاربة الفقر المدقع، والجهل المطبق، فليس للفقر سلاحٌ أَحدُّ من التعليم، وليس للجهل دواءٌ أنجعُ من التعليم.
كما ناشد المجمعُ جميعَ الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلاميِّ والمؤسسات الخيريَّة في العالم إلى تقديم الدعم الماديِّ والمعنويِّ للشعب الأفغانيِّ من أجل تمكينهم من تطوير البنى التحتيَّة، والتجهيزات اللوجستيَّة، والمعامل، والمرافق الضروريَّة، والمواصلات التي تحتاج إليها المدارس والمعاهد والجامعات.