في حديثه لبرنامج “الشارع السعودي”، الاثنين الماضي، وصف المستشار في مجال التأمين سليمان بن معيوف عملية تأمين المركبات بأنها ليست سلعة استهلاكية، مضيفًا أنها على المدى البعيد يفترض أن تعكس السلوك الجيد للسائقين، معتبرًا ذلك جزءًا من نظام حضاري واقتصادي ووطني في المقام الأول.
وحول ارتفاع أسعار تأمين المركبات قال “معيوف”: أنشئت شركات التأمين من 20 سنة، وكان التسعير عشوائيًّا وقتها، ولكن الآن تم سنّ أنظمة ومعايير لعملية التسعير، وهو أمر ألزم به البنك المركزي جميع من يقدم تلك الخدمة.
“دقشات.. فقط”!:
ومشيرًا إلى أنه في بعض المناطق يمكن القول إن رفع أسعار التأمين للمركبات لها مبرراتها، خاصة في المدن المزدحمة التي بها طرق سريعة، ومُعتبرًا أن دخول عامل قيادة المرأة للسيارة له دور، وكثرة حوادثهن يمكن القول -بحسب تعبيره- إنها “دقشات” لا أكثر، لكنها تعطل السير، وهنا فيه خسائر اقتصادية واجتماعية.
وفي السنوات الأخيرة تزايدت أسعار تأمين المركبات بشكل مطرد، وسط تبريرات من شركات التأمين لم تحظَ بالقبول أو التفهم؛ فالكثير من المستفيدين يرون أن مبررات مثل زحمة المدن الرئيسية، وكثرة الفعاليات والمواسم، يسبب أحيانًا مثل ذلك الزحام، ويؤدي بالتالي للحوادث، ورفع نسبة خطرها أو حدوثها؛ مما دفع تلك الشركات لرفع أسعارها.
غياب التصنيف!
ومن الانتقادات التي يرى المستهلكون ضرورة تعديلها: حقيقة أنه لا يوجد تصنيف ينصف من عليهم مطالبات أكثر مما هم عكس ذلك؛ لذا لا توجد خصومات واضحة فالجميع في محفظة واحدة والرفع على الجميع، والحلّ في إيجاد محفظتين مستقلتين.
وبحسب كلام “معيوف”: فشركة مثل شركة نجم كان الأصل أنها تباشر الحوادث وتأخذ حوالي 280 ريالًا على كل مطالبة، لكن مع تطورها وتطبيق نظام النقاط وقلة المطالبات لم تعد تكفي متطلباتها؛ لذا كانت فكرة إما إلغاء الرسوم على المطالبات والبحث عن نسبة ثابتة أو معينة، فكان الحل مثلًا في “تأمين ضد الغير” أن تأخذ على كل وثيقة تُصدر “63” ريالًا، وعلى “التأمين الشامل” “81 ريالًا و40 هللة”، ولكن في حال الحادث الثالث خلال سريان الوثيقة سيصل المبلغ لحدود “400” ريال، وهذا قد يحد من السلوك السلبي لقائد السيارة.
تحايل المستفيدين
ويرى “معيوف” أن الُمشرّع، وهو البنك المركزي، ألزم الشركات بنظام معين وصريح ووفق معايير واضحة، معتبرًا أن “تقدير الأضرار” لدى الورش فيه مبالغة غير مبررة، والمراكز التي أنشئت في بعض المدن لتقدير الأضرار مبالغ فيها، وأن ذلك يؤثر على شركات التأمين فتلجأ لرفع أسعار التامين، مستشهدًا بأن الاحتيال هنا يأتي في صور مثل أن المستفيد من التأمين يأخذ مبلغ التأمين ولا يصلح سيارته؛ لذا “لا بد من قائمة سوداء تقطع عمليات الاحتيال”.
لائحة صريحة
غير أن معلومة تباين سعر البوليصة بين الرجل والمرأة -إن ثبتت صحتها- هي معلومة ليست جديدة وسبق توقعها في وقت مبكر، وأن السماح للمرأة بقيادة سيارة دفع الشركات لرفع السعر. وعلى سبيل المثال وفي ديسمبر 2017م، توقّعت شركة الجزيرة كابيتال أن يعود التأمين على المركبات، والذي يمثل نحو 27% من إجمالي أقساط التأمين، للارتفاع مجددًا بدعم من السماح للمرأة بقيادة السيارة، غير أن هذه الجزئية التي تتعلق بارتفاع الأسعار على السيدات غير حقيقة وفقًا لما تنصّ عليه لائحة المبادئ العامة لحماية عملاء شركات التأمين التي وضعها البنك المركزي السعودي على عدم التمييز والتفضيل في التعامل بين العملاء بشكل مجحف وغير عادل بناءً على العرق أو الجنس أو اللون.
عوامل ارتفاع الأسعار
هذا فيما نسب تقرير للزميلة “اليوم” -نشر في سبتمبر الماضي- إلى مصادر بشركات التأمين؛ تأكيدها أن أسباب زيادة وثائق المركبات هي بسبب “3” عوامل رئيسية؛ حيث سجلت أسعار بوالص التأمين ارتفاعات ملحوظة خلال الأشهر الماضية، لتتجاوز أقل وثيقة حاجز 1000 ريال مقابل 600 إلى 700 ريال سابقًا. وذكرت المصادر أن العامل الأول يتمثل في زيادة تكاليف المطالبات بالمقارنة مع قيمة أقساط الاكتتاب في الوثائق، والعامل الثاني يتمثل في استمرارية الحوادث الاحتيالية وممارسة الغش والخداع فيما يتعلق بحقيقة الحوادث المرورية، والعامل الثالث يتمثل في تجديد موظفي الاكتتاب في شركات التأمين الوثائق بأسعار منخفضة، بالرغم من توافر المعلومات بدخول الشركات في خانة الخسائر.
حماية حملة الأسهم
هذا فيما يبرر وسيط التأمين عماد الحسيني، أن شركات التأمين ملزمة بحماية حملة الأسهم؛ مما يفرض عليها إعادة النظر في تقييم أسعار وثائق التأمين؛ بهدف تحقيق الأرباح والخروج من دائرة الخسائر، معتبرًا أن الاشتراطات المشددة التي فرضها البنك المركزي السعودي على وثائق الممتلكات ساهمت في قطع الطريق على التلاعب، ومؤكدًا أن شركات إعادة التأمين الخارجية تقوم بتغطية منتجات المركبات والتأمين الطبي، ولكن بشروط مختلفة عن وثائق الممتلكات. غير أن “الحسيني” استبعد ارتفاع نسبة الحوادث نتيجة السماح للمرأة بقيادة السيارات، قائلًا: إن طريقة قيادة المرأة للمركبة حذرة للغاية، مؤكدًا ارتفاع نسبة المخاطرة في وثائق التأمين لدى الشباب نتيجة القيادة المتهورة.
كثرة الحوادث
من جهته يقول عادل العيسى، متحدث قطاع التأمين في المملكة: إن ارتفاع أسعار التأمين جاء في المقام الأول بسبب ارتفاع الحوادث وأسعار قطع الغيار، مضيفًا في تصريحات لقناة العربية، ردًّا على سؤال: لماذا وصلت أسعار التأمين ضد الغير لـ8 آلاف؟ قائلًا: السبب في ذلك أن الشركات خسرت ماليًّا خلال الفترة الماضية وبصورة كبيرة. وأوضح أن الخسارة في السيارات ارتفعت جدًّا بسبب كثرة الحوادث، وكذلك شهدت قطع غيار السيارات ارتفاعًا ملحوظًا، بالتزامن مع ارتفاع أسعار مقدمي الخدمة في الورش والوكالات. المملكة بها 26 شركة، وبكل تأكيد الأسعار فيهم ليست مرتفعة، لكن في بعضها.
ارتفاع ملياري
وفي أكتوبر المنصرم كشفت إحصائية نشرتها “الوطن” في 25 أكتوبر 2022م؛ أن أقساط التأمين زادت خلال العام الحالي نحو 2.7 مليار ريال على قيمة الأقساط المسجلة خلال العام الماضي، وبزيادة سنوية بلغت 28.8%، وسجل تأمين المركبات زيادة بنسبة 23.7% مرتفعًا من 1.7 مليار ريال إلى 2.1 مليار ريال؛ حيث ارتفعت نسبة الأفراد من 51.1% إلى 58.7% والمنشآت متناهية الصغر من 1.9% إلى 3.6%، في حين انخفضت نسبة المنشآت الكبيرة من 31% إلى 24.2%، أما المنشآت المتوسطة فارتفعت من 7.8% إلى 8.4%.
ووفقًا للخبراء: قد تُساهم عوامل عامة في ارتفاع سعر التأمين دون أن تكون مسؤولة عن أي حوادث أو تغييرات مثل التضخم الاقتصادي، في المرتبة الأولى. وارتفاع أسعار السيارات بشكل عام، واتساع الفجوة بين المطالبات والأقساط وانقطاع الإمدادات ونقص العمالة وقطع الغيار، وبالتالي تحتاج شركات التأمين إلى رفع أقساط التأمين، لكي تتمكن من مواجهة التضخم ودفع المطالبات.
انتبه لهذه المعطيات
ووفقًا لـ”ساما”: هناك 4 معطيات تساهم في تحديد التكلفة الإجمالية لوثيقة تأمين السيارات؛ إذ تعكف تلك الشركات على تقييم المخاطر التي يتعرض لها المؤمّن له وسيارته بناء على: “عُمر السائق وجنسه ومهنته، ونوع القيادة، وعدد سنوات امتلاكه للرخصة، وعدد المطالبات السابقة ضده، والحوادث المرورية التي ارتكبها، إضافة إلى نوع وثيقة التأمين “إلزامي، أو شامل”، ويتحدّد سعر التأمين أيضًا بحسب موديل السيارة، وسعرها السوقي، وتكلفة قطع غيارها، ويدخل في سعر الوثيقة المنافع الإضافية التي يطلب المؤمن له الاشتراك بها”.
كن ذكيًّا
وبالمقابل أوضحت “ساما” أن هناك 5 عوامل تسهم في خفض التكلفة الإجمالية لأسعار تأمين السيارات: أولها سجل السائق المروري، فإذا كان سجل السائق المروري خاليًا من الحوادث، ألزمت مؤسسة النقد العربي السعودي شركات التأمين المرخصة بمنح خصومات تتدرج من 15% إلى 30% عند مرور 3 سنوات دون أي مطالبات، وسمحت “ساما” لشركات التأمين بتقديم هذا الخصم على تأمين المركبات الشامل للأفراد. وأكدت مؤسسة النقد أن السائقين الذين لا تتجاوز أعمارهم 25 عامًا يتم وضع تأمين خاص بهم أكثر تكلفة من الفئات العمرية الأخرى؛ لوجود احتمال أكبر لتسببهم في وقوع حوادث سير، والأشخاص الذين حصلوا حديثًا على رخصة قيادة يكون تأمين سياراتهم أكثر تكلفة من الذين لديهم سنوات خبرة أكثر حتى لو كانوا من الفئة العمرية ذاتها.